مشتاق لله و رسوله
عدد المساهمات : 94 تاريخ التسجيل : 02/06/2011 [table style="WIDTH: 96px; HEIGHT: 86px" border=1][tr][td][/td][/tr][/table]
| موضوع: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم زعيما سياسيا أو مصلحا اجتماعيا فحسب؟ السبت يونيو 04, 2011 10:05 am | |
| قدّم بعض المستشرقين جملة من النظريات المنحرفة لتفسير النهضة التي قامت بين العرب وظهور الدولة الإسلامية ، وحاولوا جاهدين أن يلغوا الصبغة الدينية لهذه الحركة التاريخية ، وقد أفضى بهم ذلك إلى جعل الإسلام مجرّد ثورة للفقراء ضد الأغنياء ، وقالوا : إن النبي لم يكن أكثر من مصلح اجتماعي أراد أن يعزّز القيم الفاضلة في المجتمع الذي نشأ فيه ، والذي كان يموج بمظاهر التخلف والفساد الأخلاقي والاجتماعي ، فلم يجد أفضل من الدعوة إلى دين جديد ، وأن يتقمّص – بزعمهم - دور النبي المبعوث من رب العباد.
وقامت نظرية أخرى مغايرة ، وهي أن النبي كان رجلاً يطمح إلى الملك والسيطرة على مقاليد الأمور ، فوضع لنفسه خطة تعتمد على تجميع الناس من حوله والتغرير بهم من منطلق هذا الدين الجديد ، وساعدته في ذلك الظروف الاجتماعية التي وُجد فيها ، حيث كان الناس في أمس الحاجة إلى نظام يلمّ شتات العرب ، ويجمعهم على كلمة واحدة ، بعد أن أنهكتهم الحروب ، وذاقوا مرارة الفقر والحرمان ، وهكذا التفّ العرب حوله وانضمّوا تحت لوائه ، وقبلوا دعوته التي أتى بها .
ومن المعلوم أن الدعوة التي أتى بها النبي تشمل ما ذكروه من جوانب السياسة والإصلاح ، لكن المشكلة تكمن في الاقتصار على هذه الجوانب ونزع الطابع النبويّ منها ، وإلباسها ثوباً ماديّا مجرداً .
ولتعرية هذه الآراء المنحرفة وبيان بطلانها ، سنقوم بعرض هذه الآراء على الواقع التاريخي وفق ما يقتضيه المنهج العلمي ، ثم لننظر هل سيسعفهم ذلك في الوصول إلى رؤيتهم المادية أم لا ؟ .
هل كان النبي مصلحاً سياسياً ؟
أولا : إن اتصاف رسول الله بالحزم والثبات ، وعدم تقديم أية تنازلات لينفي قطعا مثل هذا الادعاء ؛ إذ إن من صفات السياسيين أن يدوروا في فلك مصالحهم الشخصية ، وما يقتضيه ذلك من الاتصاف بالمرونة في التنازل عن بعض الثوابت أو شيء من المباديء .
لكن الشأن مع رسول الله على النقيض من ذلك ، ولذلك نجد موقفه واضحاً من الأعرابي الذي قدم إليه ليبايعه ، كما رواه الحاكم في مستدركه و البيهقي في سننه عن ابن الخصاصية رضي الله عنه قال : أتيت رسول الله لأبايعه على الإسلام ، فاشترط علي : ( تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، وتصلي الخمس وتصوم رمضان ، وتؤدي الزكاة وتحج البيت ، وتجاهد في سبيل الله ) ، قال : قلت : يا رسول الله ، أما اثنتان فلا أطيقهما : أما الزكاة فما لي إلا عشر ذود هن رسل أهلي وحمولتهم ، وأما الجهاد فيزعمون أنه من تولّى فقد باء بغضب من الله ؛ فأخاف إذا حضرني قتال كرهت الموت وخشعت نفسي ، قال : فقبض رسول الله يده ثم حركها ، ثم قال : ( لا صدقة ولا جهاد ؟ فبم تدخل الجنة ؟؟ ) قال : ثم قلت يا رسول الله ، أبايعك . فبايعني عليهن كلهن ".
كذلك يستوقفنا ما رواه الإمام أحمد و ابن حبان وغيرهما عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه ، أنهم خرجوا من مكة مع رسول الله إلى حنين ، يقول الصحابي الجليل : " وكان للكفار سدرة يعكفون عندها ، ويعلقون بها أسلحتهم ، يقال لها " ذات أنواط " ، قال : فمررنا بسدرة خضراء عظيمة ، فقلنا : يا رسول الله ، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ، فقال رسول الله : ( قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى ) : { اجعل لنا إلها كما لهم آلهة } ( الأعراف : 138 ) .
ويتضح من ذلك الموقف وغيره أن رسول الله لا يرضى بالحلول الوسطية ، أو الالتقاء في منتصف الطريق ، وذلك نابع من طبيعة الهدف الذي بُعث لأجله ، إنه رسول من الله تعالى إلى الناس جميعاً ، ومهمته هي تبليغ الإسلام إلى الناس ، فليس في يده أن يقبل مناهج مقترحة أو أفكاراً بديلة عن الشرع الإلهي ، وذلك أمر في غاية الوضوح .
ثانيا : إن ميول الإنسان ومعالم شخصيته تتضح في وقت مبكر من حياته ، وهذه الميول تتنامى لتكوّن القالب الذي يميّز الفرد عن غيره ، ولنضرب مثلا بشخصية معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ، ف معاوية نشأ في بيت زعامة سياسية ، وأبوه هو أبو سفيان الذي هو زعيم قريش ، وقد ظهرت فيه سمات النفس القيادية ، لذلك قالت أمه عنه في صغره: " ثكلته إن لم يسد إلا قومه ".
بينما عاش النبي متواضعاً خفيض الجناح ، راعياً للغنم – لا الإبل –، وانظر وتأمل هذا النبي الكريم لما رأى رجلاً مقبلاً يرتعد رهبة منه ، فقال له: ( هوّن عليك ؛ فإني لست بملك ، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد ) .
وثمة أمر آخر ، وهو أن النبي في شبابه ما كان داعياً لنفسه ، ولا اشتُهر عنه الشعر – والذي هو أهم وسيلة إعلامية دعائية في ذلك العصر - ، ولو كان مريداً ابتداءً للحكم ، لهيأ أرضيةً لدعوته بالشعر ، ولدعا الناس إلى نفسه .
ثالثا : من المعلوم أن مكة ومن حولها كانت وثنية من جهة ، متغلغلة في أوحال الفقر من جهة أخرى ، ومرجع الفقر الذي ألمّ بها إلى السياسة التي انتهجها اليهود مع العرب في إغراقهم بالربا ، إلى حدٍّ أذلوا بها أعناقهم .
ومن البداهة والحال هذه أن يتّخذ النبي أقصر الطرق للوصول إلى الحكم ، بأن يعلنها حرباً على اليهود مستغلاً روح الكراهية التي تنامت في نفوس المكيّين كردّة فعلٍ تجاه هذا الظلم والاستبداد ، مع ضرورة السكوت عمّا يثير قومه عليه من ذم الأوثان والأصنام أو النيل من مكانتها .
لكن العجيب في الأمر أن النبي اختار أصعب الطرق وأكثرها وعورة في حياته ، لقد كانت مبدأ دعوته هي نبذ الأصنام وتسفيهها ، الأمر الذي أدّى إلى كراهية قومه – الذين هم أولى الناس بنصرته – لهذه الدعوة الجديدة ، فكان التعذيب له ولأصحابه وتشريدهم عن ديارهم ، وكل ذلك يدلّنا أن مقصده لم يكن له علاقة بالتملك والسيطرة ، إنما هو في إخراج الناس من عبادة العباد ، إلى عبادة رب العباد .
رابعا : إن الملوك المعاصرين للنبي ممن هم ساسة للأمم كانوا مدركين لطابع النبوة في شخصيّته ، ويتضح هذا من خلال مواقفهم التي اتخذوها تجاه هذه الدعوة الجديدة ، واعترافاتهم التي سجّلوها في هذا الصدد ، وأقرب مثالين على ذلك ، موقف كل من النجاشي وهرقل ، أما النجاشي ملك الحبشة ، فنحن نعلم ما وصل إليه من حسن سياسة لشعبه وما أداه ذلك من تهافت الناس لسكنى أرضه ، ونعلم أيضاً اتصاله بالديانة المسيحية من خلال الأساقفة الذين كانوا بأرضه ، وعلى الرغم من ذلك ، فلم يفهم من دعوة النبي الرغبة في الزعامة السياسية ، بل تجاوز ذلك إلى الإيمان بدعوة هذا النبي ، أتراه يذعن لرجل يطمح إلى الزعامة المجردة ، في وقت لم يكن ذلك الرجل يملك من أمر نفسه ولا من أمر أصحابه شيئا ؟
إن زعيم الحبشة ، قد استمع إلى كلام جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي وحقيقة الدين الذي جاء به ، فرأى أنوار النبوة تنبثق من سيرته العطرة ، وعلم أنه من ذات المشكاة التي أتى منها موسى عليه السلام ، فقال : " إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة " .
كذلك الشأن في هرقل عظيم الروم ، والذي استطلع شأن هذه الدعوة الجديدة في وقت مبكر ، من خلال محاورة هامة دارت بينه وبين أبي سفيان زعيم قريش ، فقد روى الإمام أحمد بسند صحيح أن هرقل قال ل أبي سفيان : " إنى سألتك عن نسبه فيكم فزعمت أنه فيكم ذو نسب ، وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها ، وسألتك هل قال هذا القول أحد منكم قط قبله ؟ ، فزعمت أن لا ، فقلت : لو كان أحد منكم قال هذا القول قبله قلت : رجل يأتم بقول قيل قبله ، وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فزعمت أن لا ، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله عز وجل ، وسألتك هل كان من آبائه من ملك ؟ فزعمت أن لا ، فقلت لو كان من آبائه ملك قلت رجل يطلب ملك آبائه ، وسألتك أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم ؟ ، فزعمت أن ضعفاءهم اتبعوه ، وهم أتباع الرسل ، وسألتك هل يزيدون أم ينقصون ؟ ، فزعمت أنهم يزيدون ، وكذلك الإيمان حتى يتم ، وسألتك هل يرتد أحد سخطه لدينه بعد أن يدخل فيه ؟ ، فزعمت أن لا ، وكذلك الإيمان حين يخالط بشاشته القلوب ، لا يسخطه أحد ، وسألتك هل يغدر ؟ ، فزعمت أن لا ، وكذلك الرسل ، وسألتك هل قاتلتموه وقاتلكم ؟ ، فزعمت أن قد فعل ، وأن حربكم وحربه يكون دولا يدال عليكم المرة ، وتدالون عليه الأخرى ، وكذلك الرسل تبتلى ويكون لها العاقبة ، وسألتك بماذا يأمركم ؟ ، فزعمت أنه يأمركم أن تعبدوا الله عز وجل وحده لا تشركوا به شيئا ، وينهاكم عما كان يعبد آباؤكم ، ويأمركم بالصدق والصلاة والعفاف ، والوفاء بالعهد وأداء الأمانة ، وهذه صفة نبي قد كنت أعلم أنه خارج ولكن لم أظن أنه منكم " .
خامسا : لو كان الملك غايته ، لكان في عرض قريش له أن يجعلوه ملكا طريقاً مختصراً لهذه الغاية ، لكنه أبى ذلك ، وتمسك بمبدأ نبوته ، مما ينفي صحة هذا الادعاء . | |
|
ملكه بحجابى المشرف العام
عدد المساهمات : 152 تاريخ التسجيل : 05/06/2011 حجابى واحتشامى سلاحى ضد اعدائى
| موضوع: رد: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم زعيما سياسيا أو مصلحا اجتماعيا فحسب؟ الإثنين يونيو 06, 2011 12:12 am | |
| | |
|